احلى كلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يختلف القلم‏..‏ لكن يد الكاتبين لها نفس السمرة

اذهب الى الأسفل

يختلف القلم‏..‏ لكن يد الكاتبين لها نفس السمرة Empty يختلف القلم‏..‏ لكن يد الكاتبين لها نفس السمرة

مُساهمة من طرف biker الثلاثاء مايو 20, 2008 12:31 pm

صادقت أمل دنقل زمنا قصيرا وأنا مازلت بعد عودا أخضر‏,‏ وذلك بين عامي‏72‏ و‏74.‏ وبعدها بسنين زارني يحيي الطاهر عبد الله في حجرتي الصغيرة بحي الروضة في صحبة بعض من اصدقائي‏,‏ وانفجر فجأة في وعيي بشخصيته الطفولية الجارحة‏,‏ وطاقة الإبداع المتواترة التي كانت تجعله غير قادر علي المكوث في مكان واحد‏.‏

علي العكس منه‏,‏ كان أمل هادئا‏,‏ علي الاقل علي السطح‏,‏ خفيض الصوت قليل الكلام‏,‏ وحتي إن جرح وخمش لا يخرج عن هدوئه‏.‏

وكان الاثنان توءمين من حيث العمر ومسقط الرأس‏,‏ وحياة الصعلكة التي كانا يمارسانها كل بطريقته‏.‏

وربما لا يعلم الكثيرون أنه قبل مجيئهما الي القاهرة‏,‏ عاش أمل ويحيي معا في حجرة فوق السطح بمدينة قنا‏,‏ وكان ثالثهما عبد الرحمن الأبنودي ـ كتب الله له الشفاء والعافية‏.‏

كان كل من هؤلاء الثلاثة نفسا جديدا في الادب‏,‏ وكل منهم بالطبع يحتاج ويستحق مقالة او مقالات منفصلة‏,‏ لكنني اخترت ان اكتب عن أمل دنقل ويحيي الطاهر عبد الله مجتمعين‏,‏ لما أراه فيهما من وشائج تتخطي ذكري الرحيل‏,‏ وربما كان رحيلهما نفسه علامة علي توءمة ما‏:‏ فيحيي رحل في‏9‏ ابريل‏1981‏ في عامه الحادي والأربعين‏,‏ ولحق به امل وهو في الحادية والاربعين ايضا في‏5‏ مايو‏1983.‏

اما الوشيجة العميقة موضوع هذه المقالة فهي تبادلهما لوظيفة الشعر والقص‏,‏ فيحيي كان يحكي باحتفاء شديد باللغة‏,‏ كأنه جواهرجي لغة فصارت لغة السرد عنده غاية في ذاتها بقدر ما هي وسيط أو اداة‏,‏ أما دنقل فكان يقص علينا في الكثير من قصائده حكايات من حياة كل يوم أو من مشاهداته الحياتية‏,‏ وسيتبين هذا لك حين تقرأ مختارات انتقيتها من عمل الكاتبين لا تطمع بالطبع في أن تمثل اديبين شديدي الثراء جمي الابداع‏,‏ ولكنها نفحة من عطرهما آمل ان تأتي مدللة علي ما بسطته من رؤية‏,‏ أما من حيث جمالها الادبي فأنا علي يقين أنها ستمتعك‏.‏

ومن بين النماذج مرثية كتبها أمل عند رحيل يحيي اولها‏:‏

ليت أسماء تعلم ان أباها صعد وهي بعنوان وجه وأسماء هي ابنة يحيي الطاهر عبد الله‏,‏ التي كانت طفلة صغيرة في ذلك الوقت‏,‏ وهي الآن شابة ما شاء الله وفنانة تعمل في مجال التمثيل‏.‏ والمرثية مقطع من قصيدة مركبة بعنوان الجنوبي يتحدث فيها أمل عن بعض اصدقائه الجنوبيين مثله‏,‏ أي الصعايدة‏,‏ كل في قصيدة او مقطع بعنوان وجـه‏.‏

وستري معي كيف يتلاقي امل مع يحيي ادبيا رغم تميز وخصوصية كل منهما الشديدة‏,‏ عندما تقرأ قصة يحيي ـ الموردة هنا ــ عن الصعيدي الذي هده التعب فنام تحت حائط الجامع القديم وبعدها أو قبلها مقطعا في الجنوبي عن نفس الموضوع‏,‏ فيتراءي لك كيف أن القلم يختلف ولكن اليد الممسكة به لها نفس السمرة‏,‏ وترتعش بنفس الحنين‏.
biker
biker
عضو متميز
عضو متميز

ذكر عدد الرسائل : 416
العمر : 42
الموقع : www.vipbasha.com
العمل/الترفيه : محامى
المزاج : عادى
تاريخ التسجيل : 27/11/2007

http://www.vipbasha.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى