مستقبل التعليم العربي. بين الكارثة والأمل؟
صفحة 1 من اصل 1
مستقبل التعليم العربي. بين الكارثة والأمل؟
أوراق أدبية
مستقبل التعليم العربي. بين الكارثة والأمل؟
مستقبل التعليم العربي. بين الكارثة والأمل؟
وعلي هذا النحو, لايمكن ان نعرف المستقبل دون معرفة واعية بالحاضر, ولانستطيع فهم الحاضر دون فهم هذه الظروف السائدة التي تدفع بنا دفعا إلي الاقتراب من المصير المنتظر: الكارثة أم الأمل; وهو سؤال مصيري حين نقترب من عنوان هذا الكتاب وهو مايمكن الاقتراب منه أكثر في هذا الكتاب الذي صدر أخيرا من تأليف د. محسن خضر- استاذ أصول التربية بجامعة عين شمس- ين- د. حامد عمار,كماأسهم في إخراجه محمد رشاد عن الدار المصرية اللبنانية' آفاق تربوية متجددة'..
وعلي هذا النحو جهد هذا الثلاثي- المؤلف والرائد والناشر_ في اخراج هذا الكتاب.. ولأن الكاتب اختار مستقبل التعليم, فقد كان واعيامنذ البداية في تأكيد أن المصير لاينتهي الا بأحد تعريفين:( الكارثة أوالامل). من الإصلاح السياسي إلي الإصلاح التربوي, فاقترب من موضوعه عبر المنظور الثقافي والعولمي معا ليصل الي شكل التعليم وماقبل الجامعي الي تعليم الكبار والتعليم عن قرب.. كان المؤلف واعيا منذ البداية' للفاتحة'- او المقدمة التي أكدت الحاجة إلي الرؤية الموسعة لعملية التربية, والمصالح التربوية, والممتزجة بالأطر السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو مايطرح دائماالسؤال البدهي:أي إصلاح وأي تعليم ؟ لقد كانت هذه هي المعضلة التي تصدي لها المؤلف واعيا أشد الوعي بثلاثية التربية وتحولات الثورة العلمية والتقنية معا..
ولأنه يصعب تأكيد مفردات هذا الكتاب فسوف نتمهل فيه عند جانب التربية والوعي القومي العربي في العصر الحديث., وقد تحددت في رصد استجابة التربية العربية تجاه تحولات الهوية بسبب ضغوط العولمة, هذه العولمة التي تسعي للنيل من التعليم الذي تجسد خاصه في أزمة الهوية وتشظي هذه الهوية في نهاية الالفية الثالثة وبداية الالفة الثالثة..
وعودة لمناخ العولمة كان لابد أن نعي المؤثرات العنيفة في عصر ظاهرة اسماها' أبلسة الفكرة القومية أو الهوية الجماعية' بحيث اعتبرت رديفا للبربرية في ظل الإحباطات العربية خاصة منذ هزيمة1967 وغزو بيروت وصولا إلي أوسلو1993وغزو الكويت وما أعقبه من الحصار الامريكي لكثير من القيم العربية, خاصة والحصار الذي مازال قائما بأشكال شتي حتي اليوم حسب المفهوم الأمريكي علي وجه اخص حيث ترتبط حركة مجال التعليم في العالم الاسلامي بعملية' عولمة' امبريالية وتجريده من البعد الديني في مجال التعليم والإعلام والقوانين والسينما إلي غير ذلك في عصرنا الحديث...
ومنذ البداية نلاحظ السعي لعمل توأمة الثقافة والتعليم والتي تحققت_ في المؤلف- د. محسن وصاحب الفاتحة_ د. عمار-عبر عديدة للوعي من حركة تنمية البذور والجذور ثم إرساء مقومات وقيم العدل الاجتماعي وترسيخ مقومات المنهج الديمقراطي لتأسيس ثقافة عربية سعيا لتأسيس نهضة عربية مشتركة..
وبعد أن يعرض الكاتب في هذاالسياق تلك الدعوة الي تأسيس أنماط للتفكير السائد للفكر القومي ومحاولة السعي لتأكيد الهوية العربية الخاصة فإنه ينتقل في المقام الأول من الموجهات الحضارية لتربية الهوية القومية وتتمثل في أربعة عناصر: الخبز والكرامة ورد الاعتبار إلي الذات القومية وتجديد التراث العربي وإنعاش اللغة العربية تدريسا وممارسة.. وقد انتهي من هذا كله ليصل إلي أزمة جامعاتنا العربية في هذا العصر; عصر العولمة, مؤكدا دور الجامعة تحت وطأة الضغوط الإمبريالية المتزايدة حولها..
وعلي هذا النحو كان لا بد من التنبه إلي تطوير سياسة التعليم والتدريب العربية في ضوء معطيات الثورة العلمية والتقنية المعاصرة متعرضا لنماذج جديدة تواجه التأثير العالمي أو'العولمة' إذا جاز التعبير.. وانتقل الكتاب بنا إلي التعليم العربي, لا تأثيرات العولمة فحسب.
منتهيا من هذا إلي أن المنطقة العربية تحتاج لقناة تليفزيونية للتواصل بين الجماهير العربية بمعناها الواسع او تحتاج_ في هذا الاطار- الي التواصل بين العرب حين يحدث هذا مع معطيات العصر ومتطلبات المستقبل التقنية.. وإن كان_ يشدد د. محسن_ علي أن التفكير في مشروع قومي في مجال الثقافة والإعلام يصطدم دائما بالمنظور القطري والمشروع القومي الوحيد الذي أمكن قيامه عبر' الشبكة العربية للاتصالات الفضائية'..
وكما ان الحاجة ضرورية للتطور الإلكتروني, كذلك انتهي إلي عدة ملاحظات تدور حول أهم رموز الحركة التربوية فمنها غياب المكانة الاجتماعية للمعلم لدينا والتنبه للإحباط الذي ينال من المعلمين المنهكين في هذا العصر, كما أن الالتباس مازال قائما حول مكانة المعلم في مجتمعنا' خاصة أن آفات العملية التعليمية التي تتأكد في ظاهرة الدروس الخصوصية التي نخرت كالسوس في البنية التعليمية مما يقدر معه أن حجم الدروس الخصوصية- في بعض الدراسات- تصل بين13-15 مليار جنيه سنويا
وهي نسبة' تساوي ماترصده الدولة في موازنتها علي التعليم برمته حتي أن د. مصطفي سويف يلاحظ هذا المناخ الجديد الذي انحسر فيه دور المعلم إلي مجرد نمط للتكيف, يضمن السلامة في مواجهة ظروف بيئية شديدة التهديد لكيان العلم بعد أن كان المعلم ثريا, بل إن د. حامد عمار هنا يصف ظاهرة الدروس الخصوصية بتعبير يؤكد فيه'تحول البيت المصري إلي مدرسة من الدرجة الثالثة, حيث الدروس الخصوصية في مواد معينة وفي مواسم وأوقات محددة وباعتبارها أدارة للتلقين والتحفيظ والتسميع وتنميط التفكير
علي أن المكانة المتميزة في عقل د. محسن خضر تظل تتمثل في هذه النماذج التربوية المثالية في عالمنا العربي, ويبرهن علي هذا بشكل واع منذ أول الكتاب الذي يهديه إلي أساتذته الراحلين الواعين لدور العلم في هذا المناخ العربي فهم الذين يسعون امام جيلي لفتح- كما يقول-' أبواب الأمل ومسالك السؤال ونبل الفعل التربوي, مضيفا علي هذا سؤالا تظل إجابته بدهية في عصر المعلم الذي أصبح ظالما ومظلوما في آن واحد في المجتمع حولنا, فبعد أن يحدد أسماء العديد من الأساتذه الفضلاءبشكل إيجابي, يعود إلي هذا السؤال الذي يحمل دلالات كثيرة تؤكد علي أهمية التعليم خاصة وأهمية المعلمين بشكل أخص حينما يقول في حيرة دالة واعية:( هل رحلوا فعلا ؟)..
ينتهي الكتاب دون أن تنتهي هذه المقارنة في المستقبل وفي التعليم أيضا بين الكارثة والأمل..
إن الكاتب هنا يحدد كثيرا من عناصر الكارثة, ويربطها بمسلمات الأمل الذي يجب أن تتسلح فيه بشرط العمل الواعي في هذا المجتمع العربي الذي يحيط بنامن كل جانب في مواجهة رموز العولمة العنيفة وصور أصحابها الجدد من رموز الإمبريالية الغربية في هذ المكان_ الوطن العربي_ وفي هذا الزمان_ بدايات الألفية الثالثة.
لايبقي غير أن نكرر التحية لصاحب الريادة د. حامد عمار والمريد الوفي الواعي د. محسن خضر, ثم هذا الجهد الكبير الذي تابعه صاحب الدار وانجزه بشكل امين وواع في الوقت نفسه....
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى